السبت، 15 أغسطس 2020

رعب كلاسيكي بقلم // رعد الإمارة

رعب كلاسيكي 

١(همس الريح)  أختارتْ باقة من البنفسج، أتسعتْ ابتسامتها وهي تقطعُ الطريق صوبَ المقبرة، هَمستْ لنفسها وهي تلمح شاهد القبر من بعيد :
_أظنّه سيبتهج هذه المرّة، أنه البنفسج حبيبي. قالت ذلك وضمّتْ الباقة إلى صدرها، جَثتْ على ركبتيها، نَفضتْ الغبار وازاحتْ جانباً ماذبلَ من الأزهار، لوّحتْ بالباقة :
_بنفسج ياوحيدي، دَققتُ كثيراً في أختيار اليانع والرقيق منها، أنظر جمالها، لكن لا ، أنتَ أشدُّ جمالاً منها. تَلفتتْ يمنة ويسرة، َتنهدتْ، ازعجها قلّة الوافدين، هَمستْ :
_تعرف؟ لن أنقطع ولو للحظة عن زيارتك، أعرف أنكَ تسمعني. اومأتْ برأسها وهي تنهض، كان عليها اللحاق بعملها، وهي تخطو بعيداً، حمل الريح همساً لصوتٍ تكادُ تعرفه :
_ماما، في المرّة القادمة أريد لوح شيكولاتة. (تمت) 

٢(عالم آخر)  كنتُ أحيط كتفها بذراعي ونحن نسير على الجسر العائم، حين اصفرَّ وجهها وأخذتْ ترتجف، اوقفتها وسألتها، أن كانتْ تشكو من مرضٍ ما، قالت وهي تتابع بعينيها السيارة التي حاذتنا واختفتْ :
_لا، لستُ مريضة، لكنه أخي من كان يجلس بجوار السائق، ليتك رأيت أي نظرة صوّبها إلي.
_هل سيضربكْ؟.
_بالتأكيد سيفعل، لكن المشكلة ليست هنا، المشكلة أن أخي هذا ميت منذ أكثر من سنة!. تَسمرتُ في مكاني وقد عَلتْ ملامح وجهي دهشة عجيبة، التفتُ إليها، لم تكن موجودة 😱!!.

٣  (العودة)  بعد فوات الأوان شَعرتُ بأني دهستها، كانت قطة حلوة مبقّعة  بالأسود والأبيض ، حين وقفتُ على رأسها وهي تَحتضر أدركتُ بأن الأوان قد فاتَ لفعل أيُ شيء، أن كان ثمة شيء أفعله، هَززتُ كتفي، رفعتُ ياقة معطفي، كان الجو ينذر ببردٍ شديد حين نَفختُ في اصابعي. تذكرّتها وأنا أسكبُ العشاء لنفسي، لا أعرف لماذا يكون حضور من نتذكرهم سريعاً، وكأنهم يشعرون بنا؟ توقفتُ في منتصف الصالة، الأطباق بيدي الأثنتين، أما القطة فكانتْ ملتفة حول نفسها على طاولة الطعام، يا إلهي كانت ترمقني بعينيها الخضرواين وهي تلعقُ فرائها الدامي. أرتجفتْ الأطباق وانسكبَ الحساء على سجادتي المفضلة، تمالكتُ نفسي ثم ضَحكتُ بعصبية وأنا أهتف بصوتٍ عالٍ :
_ما هذه الأوهام ياولد؟. لكنها لم تكن كذلك، فالقطة طالَبتْ بنصيبها من الحساء، ما أن غَرفتُ أولُّ ملعقة منه ، هي لم تطلبْ ذلك بلسانها لكنها قالتْ مياو، مياو، كَرّرتْ ذلك مرتين. أبتلعتُ ريقي وتعرّقَ جبيني، هَبّتْ نسيمات باردة، كانت النافذة مشرعة، أيُّ لعين فتحها؟ يا إلهي أنا أغلقتها بنفسي، فجأة خرقَ السكون صوت القطة لكن هذه المرة هي لم تقل مياو، كان ماقالته واضحاً حتى أنه خرقَ أذني، قالت :
_أنا من فتح النافذة، سلوكك معيب، تدهسني ثم تتركني أتلوى في هذا البرد القارص، والآن نصيبي من الحساء لو سمحتْ . قالت ذلك وهي تموء ، قبل أن أبلّل نفسي تماماً.

بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التماس بقلم // صاحب ساجت

.              (إِلْتِماسٌ) يا سَطْوَةَ ٱلنَّفسِ؛ عَلىٰ أَهْلِها... أَنَا ٱلآنَ حُرٌّ، عَتِيقٌ، مُتَفَلِّتٌ مِنْ رِبْقِكِ لِفَضاءٍ آخَرٍ... ...