الجمعة، 10 يوليو 2020

تعدد القراءات بقلم / محمد البنا

تعدد القراءات 
.........
من المسلمات التي لا يرقى إليها شك، أنّ الكاتب عندما يكتب نصًا، إنما يكتبه من وحي فكرة معينة وحيدة، ويشرع في صياغتها سردًا أو شعرًا، ليخرج لنا نصًا متماهيًا مع فكرته التي بنى عليها، أو مقاربًا لها أو نائيًا عنها - إن أخفق - فترتدي ثوبًا يليق بها ومعبرًا عن فكرةٍ ما، وما تعدد القراءات إلا بتعدد زوايا التناول من منظور المتلقي أو الناقد، فالقراء مختلفو الثقافة والبيئة والتقاليد المعاشة الموروثة والمحيطة، والنقاد مختلفو المدارس النقدية، فمنهم من يتبع المدرسة التاريخية ومنهم من يتبع الاجتماعية، والموضوعية، والبنيوية والتفكيكية وخلافه، لذا تذهب القراءة مذهب معتنقها، وترتكز في الاهم المهم على ما اعتمدته من منهاج نقدي، إلا أن كل ذلك لا يتناقض مع كون النص فكرة، ومفهوم واحد لا ثانىّ له، مهما اختلفت زوايا الرؤية، والنص الذي لا معنى له هو نص عدمي، لا يخلف وراءه أثرًا أو تأثيرا.
أما تعدد القراءات بتعدد المفاهيم، فهو محض افتراء على النص وليس إثراءً له، وما ذلك إلا نتاج قصور في استيعاب النص، أو تعمد إهمال كلمة أو جملة، ليتماشى المتبقي مع ما فهمه المتلقي، ومرجع ذلك في الأغلب الأعم هو الفكر الانطباعي الأولي الذي يتسلل إلى ذهنية المتلقي ( قارئ أو ناقد ) بدءًا من مطالعته لعنوان النص، ومن ثم يشرع في البناء عليه مؤيدًا ما يؤيده، ومهملاًا أو متغافلًا عما يعيقه، ومن ثم يشير للمبدع بحذف كذا وكذا، لمجرد أنها تقف حجر عثرة في فهمه الانطباعي للنص، وما الحذف يصح إلا في ثلاث حالات، وهم ما ورد ملخصًا لفكرة النص وهدفه ومغزاه، وما عُلم بالضرورة، وما ورد مكررًا المعنى وإن اختلفت الصيغة اللغوية، يضاف إليهم قطعًا الجمل التقريرية  ما لم توجبها ضرورة ملحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التماس بقلم // صاحب ساجت

.              (إِلْتِماسٌ) يا سَطْوَةَ ٱلنَّفسِ؛ عَلىٰ أَهْلِها... أَنَا ٱلآنَ حُرٌّ، عَتِيقٌ، مُتَفَلِّتٌ مِنْ رِبْقِكِ لِفَضاءٍ آخَرٍ... ...