الأحد، 5 يوليو 2020

تفاح وعلبة سجائر بقلم / خالد أخازي

تفاح وعلبة سجائر 
 صحت مذعورة، طفقت تبحث  بجنون وذعر عن الصناديق التي قضت اليوم كله وهي تملؤها تفاحا، تجنيه بمشقة لكن بحماس وكد تحت سياط الشمس الحارقة، صدمت وهي تكتشف فراغ الصناديق، وصمتا رهيبا يخيم على المكان...تساءل عقلها بحيرة وحسرة
" رباه...!  أين التفاح !؟...:
  بعد لحظة من حيث لا تدري، كسر صمت الحقول المنتشرة حولها صوضاء وتصايح، وتزاحمت نساء وهن تشكلن بصخب الطابور ا  أمام شباك الأداء، حيث استوى رجل ضخم الجثة صغيرها ، بارز الكرش، منغرسة رأسه ببن كتفيه... يدخن بشراهة ووجوم ...لا أحد انتبه إلا وجودها، كأنها غير موجودة...كأنها غدت شبحا...تمر العاملات أمامها ولا يليقين أدنى نظرة عليها ولو خاطفة . لا أحد  يرد على سؤالها عن تفاح جنته فتبخر.
  عاد إلى الأغصان، نعم فطنت إلى تفاحاتها عادت إلى  الأشجار  التي صارت مثقلة الأغصان بالتفاحات الحمراء التي جنتها... استحضرت صورة مخيفة  لزوج يكح ويلح في طلب علبة تبغ، تحسست أثر صفعة على خدها، طافت بخلدها ابتسامة البقال الماكرة وهو يتفرس في صدرها، داهتمها  بألم وحسرة صورة قدمي طفلتها  الحافيتين وهي تنتظرها أمام الباب، تنش الذباب الذي زعج عينيها الجميلتين الزرقاوين بكف نحيفة ما زالت آثار خضاب عالقة بها.
  عادت تسارع الزمن، مع تسارع دقات قلبها، تقطف التفاح قبل أن يغلق شباك الأداء...لكن.. كل تفاحة ما إن تستقر في الصندوق حتى تعود إلى الشجرة، يتقلص الطابور ثم يتلاشى، ويغلق الشباك، تختفي النساء العاملات، يعم الصمت  من جديد إلا من نقيق الضفادع ونعيق غراب يتفقد خربة على التلة قصد المبيت...مالت الشمس وراء الجبل... تمدد الظلام مخيفا...تقاطعت واختلطت أصوات الهوام والجزع والديجور والظلال والأهواء. 
تصرخ المرأة فجأة صرخة مدوية، يسقط لرجعها القوي كل التفاح في الصناديق... وتشرق الشمس من جديد...تختفي الخربة والغراب...تتبدد أصوات الليل..
  تصحو... تنظر حولها بخوف وذهول.. تبتسم وهي تقول " لم يتشكل الطابور بعد،  الصناديق  ممتلئة..."  العاملات الزراعيات ينظرن إليها  باستغراب وقد تحلقن حولها... تحملق في الوجوه....تبتسم...يضحكن...يضج المكان بقهقهات متهتكة.
  الزوج سيحظى الليلة بعلبة تبغ، وجسد منهك...
خالد أخازي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التماس بقلم // صاحب ساجت

.              (إِلْتِماسٌ) يا سَطْوَةَ ٱلنَّفسِ؛ عَلىٰ أَهْلِها... أَنَا ٱلآنَ حُرٌّ، عَتِيقٌ، مُتَفَلِّتٌ مِنْ رِبْقِكِ لِفَضاءٍ آخَرٍ... ...